روي أن الحجاج بن يوسف الثقفي أُوتي بقوم ممن خرجوا عليه ،
فأمر بهم فضربت أعناقهم وأقيمت صلاة المغرب وقد بقي من القوم واحد ،
فقال الحجاج لقتيبة بن مسلم : انصرف به معك حتى تغدو به عليّ .
فانصرف قتيبة ومعه الأسير ، فلما كانا ببعض الطريق ،
قال الأسير لقتيبة : هل لك في خير ؟
قال : وما ذاك ؟
قال : إني والله ما خرجت على المسلمين ، ولا استحللت قتالهم،
ولكن ابتليت بما ترى ، وعندي ودائع وأموال ، فهل لك أن تخلي سبيلي حتى آتي أهلي ، وأرد على كل ذي حق حقه ، وأوصي ،
ولك علي أن أرجع حتى أضع يدي في يدك ؟
فتعجب منه قتيبة وتضاحك لقوله ، فأعاد الاسير مقالته ،
فلم يتمالك قتيبة نفسه إلا أن قال له : أذهب ،
فلما توارى الرجل أسقط في يد قتيبة وخاف نقمة الحجاج إن هو سأله عن أسيره الذي دفعه إليه ،
فبات قتيبة بأطول ليلة ، فلما كان الصباح إذا بطارق يطرق منزل قتيبة ،
ففتح فإذا هو الأسير ،
فقال له قتيبة : أرجعت ؟
قال : سبحان الله ! جعلت لك عهد الله عليّ أفاخونك ولا أرجع ،
فقال قتيبة : أما والله إن استطعت لأننفعنك ،
وأنطلق به إلى الحجاج وقص عليه القصة ،
فتعجب الحجاج من صدقه وأمانته ، فعفا عنه ووهبه لقتيبة ،
فلما خرج به رفع الأسير
يده إلى السماء وقال : لك الحمد يا رب ، وما كلم قتيبة بكلمة ولا شكره ،
وانصرف فلما كان بعد ثلاثة أيام جاء وقال لقتيبة : جزاك الله خيراً ،
أما والله ما ذهب عني ما صنعت ،
ولكن كرهت أن أشرك مع حمد الله حمد أحد .