’’
{ بسم الله الرحمن الرحيم ..~
قال تعالى ( هُم درجاتٌ عِند الله )
آية لو إتخذناها كمنهاج لطآفآت بنا بعد رحمة الله في النعيم دنيا و آخره
دُنيا .,. لأن النفس متعتها المُنافسة.
آخره .,. درجات عليين أُعِدت في نهاية ركبِ المتسابقين
هُنا تسليط ضوءٍ ع بعض معانيها
( هُم درجاتٌ عِند الله )
قيل إن الضمير " هم " عائد على الفريقين : المُنافقين و المجاهدين
فلكل درجة و مكانة تتناسب مع فعله في الدنيا .
( هُم درجاتٌ عِند الله )
هذا التدرج هو سنة من سنن الله و هو واقع فكما أن العقول تتباين فالقلوب تتباين
في حبها لِـ لله و سبقها لرضاه و لذا جاء يعلمنا جبريل عن : الإسلام و الإيمان و الإحسان
ثم إن الإيمان تشعب
و العبرة بالاخلاص و بذل الوسع....نعم بذل الوسع...
فلم يسبق ابوبكر بالعدد الذي بذله من ماله...و لكن بالنسبة من الوسع...
وإن المنبت لا أرض قطع و لا ظهرا ابقى.... ولكن يبقى الاخلاص...
وها هو ابوبكر يقول له -صلى الله عليه و سلم- عندما انفق ماله كله في غزوة تبوك:
ابقيت لهم الله و رسوله....
وها هو عمر يقول: ابقيت لهم مثله...
لم يتكلموا بالارقام و لكن بالاقدار...و الوسع...
وقال عليه الصلاة والسلام " ما سبقكم أبوبكر بكثرة صلاة ولا صيام ولكن سبقكم بشئ وقر في قلبه"
وقال أيضا لسيدنا بلال بن رباح " إني سمعت دف نعليك قبلي في الجنة يا بلال "
فالأمور لا تُقاس بالظواهر و إنما ما عُقدت عليها البواطن
فها نحن نرى الناس سُجد و ما بين كُل ساجد و ساجده منازل و درجات
بحسب إخلاصهم و منهجهم .
( هُم درجاتٌ عِند الله )
فمن الناس من هو مؤمن و لإيمانه درجات
و منهم من هو مسلم و لإسلامه درجات
و منهم البارٌ لوالديه و للبر درجات
( فالناس لم يبروا فقط بل تسابقوا لذلك )
و منهم العاصي و للمعصية درجات
و بِحسب إمراءٍ أن يضع هذا في ما هو غادٍ و ما هو آت
لأرتقى و ربي لأعلى تلك الدرجات
((وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ)) «132»البقرة
( هُم درجاتٌ عِند الله )
عندما زار الخليفة الفاروق بلاد الشام.. ذهب لزيارة أخيه أبي الدرداء ليلاً.. فدفع الباب فإذا هو بغير
غَلَق, فدخل في بيت مظلم لا ضوء فيه, فلما سمع أبو الدرداء حسه قام إليه,
ورحب به وأجلسه. فجسّ عمر وسادَ أبي الدرداء فإذا هو بردعة, وجسّ فراشه فإذا هو حصىً.. وجسّ
دثاره فإذا هو كساء رقيق لا يفعل شيئا في برد دمشق الشديد..
فقال له: رحمك الله ألمْ أوسع عليك؟ ألم أبعثْ إليك؟!
فقال له أبو الدرداء: أتذكر-ياعمر- حديثا حدثناه رسول الله ؟
قال وما هو؟
قال ألم يقل: (ليكن بلاغ أحدكم من الدنيا كزاد الراكب) ؟
قال: بلى.
قال: فماذا فعلنا بعده يا عمر؟!
فبكى عمر, وبكى أبو الدرداء..
( هُم درجاتٌ عِند الله )
بينما كانت روح عبد الرحمن بن عوف - الذي كان محظوظا في التجارة الى حدّ أثار عجبه ودهشه فقال:" لقد رأيتني، لو رفعت حجرا، لوجدت تحت فضة وذهبا"..!! -
تتهيأ لرحلتها الجديدة كانت عيناه تفيضان من الدمعو ولسانه يتمتم ويقول:
" اني أخاف أن أحبس عن أصحابي لكثرة ما كان لي من مال"..
و لكنه يتذكر قول عائشة : أما اني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
رأيت عبدالرحمن بن عوف يدخل الجنة حبوا"..
فما بيكيك يا أبا محمد ...!
( هُم درجاتٌ عِند الله )
قالت أسماء فزع الرسول صلى الله علية يوم كسفت الشمس فقام
قيامًا طويلا فجعلت أنظر إلى المرأه التي هي أكبر مني قائمة و إلى المرأه التي هي أسقم مني قائمة
فقلت : إني أحق أن أصبر على طول القيان منك .
لعلمها بأنهن
( هُم درجاتٌ عِند الله )
وفي سنن أبي داود عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين، ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين )
فتسابق لذلك المتسابقون لعلمهم بأنهم
( هُم درجاتٌ عِند الله )
بفضله و منه ففضل الرسول محمد ع سائر الأنبياء
((تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ )) النبأ
و فضل أبو بكر ع سائر أمة محمد
عن عمر قال لو وزن إيمان أبي بكر وإيمان الناس لرجح إيمان أبي بكر
قال رسول الله صلى الله علية و سلم : ((إنه ليس من الناس أحد أمن علي في نفسه وماله
من أبي بكر بن أبي قحافة ،
ولو كنت متخذا من الناس خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا))
و فضل الصحابة ع غيرهم و المؤمنون بعضهم ع بعض
يقول جل وعلا: " ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم ٌ لنفسه ومنهم مقتصدٌ ومنهم سابقٌ بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفوز الكبير"[فاطر:32]
ومع التصريح بالاصطفاء والعبودية ووراثة الكتاب، فقد بدأ السياق بالظالم لنفسه، وهو الواقع في
الذنوب والمعاصي، وثنَّى بالمقتصد، وهو الوسط الذي لم يسرف في الذنب، ولم يستكثر من الطاعة،
وثلَّث بالسابق بالخيرات، و هذه هي درجاتهم ووعد جميعهم بقوله : "ذلك هو الفضل الكبير جنات عدن يدخلونها يحلونفيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن
ربنا لغفور شكور لذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب"
[فاطر:32-34].
و على المفضل شكر أكثر من غيره لينال الثواب المذكور و يسبق لنيل أعالي الدرجات
و هكذا هم السابقون .
( هُم درجاتٌ عند الله )
أتريد أن تلحق بالركب ...!
تدبر قوله تعالى
« إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ «57» وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ «58» وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ «59»
وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ «60» أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ «61»
وَلَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا
وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ
«62»
( هُم درجاتٌ عِند الله )
وحتى عندما يريد البشر تصنيف بعضهم تصنيفاً قائماً على التقوى، فإنهم في الغالب يفشلون. لأن مفاتيح القلوب بيد الله وحده. والقلوب مساكن التقوى.
حين يرفع الله درجة أهل العلم، درجة المجاهدين، بل حتى درجة المتقين، فلا ينبغي أن يستعلي صاحب الدرجة على العباد بها ظنّاً منه أنها درجة تشريف،
فهي لا تكون كذلك إلا بالقيام بالتكاليف التي تستوجبها .
فالرسول الله صلى الله عليه وسلم ، عالي الدرجة والمقام ، لم يمنعه مقامه من مشاورة المسلمين والتواضع لهم، ولا أنقص من تكاليفه بل زادها ليصبح عليه الصلاة والسلام القدوة لكل عالم مصلح عامل تقيّ عابد.
وعمر رضي الله عنه، وهو المبشّر بالجنّة، لم تطمعه درجته، بل ظل يسأل حذيفة أمين السر إن كان معدوداً بين المنافقين. وظلت خشية الله ديدنه بعدما تمّ تكليفه بالخلافة.
( هُم درجاتٌ عِند الله )
فالسبق السبق فالسلعةُ غاليه ..!
ربما سبقت لها عين دمعت حين وعت آيه مِن ذلك الذي حمل القرآن كله فكان حُجةً عليه ..!
أو بعملِ يسير توفرت بِه النية الصادقة و الإخلاص المحض خير من كنوز الدنيا رياء و سمعة ..!
فكلما خبتت عزيمتك و ثبطت هِمتك تذكر قوله تعالى
( هُم درجاتٌ عند الله )
فبقدر العملِ ترقى
.,.
تحيااتي .
منقول